في مثل هذا الشهر قبل سبعين عاماً، لخّص «آرثر شليزنجر» أستاذ للتاريخ بجامعة هارفارد المأزق السياسي والثقافي الذي تعاني منه الولايات المتحدة وغيرها من البلدان الديمقراطية. وكتب «شليزنجر» عندما كان عمره 31 سنة: «إننا ننظر إلى عصرنا كزمن من الاضطرابات. وأسس حضارتنا تنهار تحت أقدامنا والأفكار المألوفة والمؤسسات تختفي عندما نصل إليها، مثل الظلال في الغسق المتلاشي».
وتشير القابلية الغريبة لتطبيق هذه الخطوط على عام 2019 إلى أن الوقت الحالي هو الوقت المناسب لإعادة النظر في البيان الذي أصدره «شليزنجر» عام 1949 وقت ظهورها لأول مرة، والذي يتمحور حول «الوسط الحيوي» الذي يدافع عن الليبرالية في وجه أعدائها.
وإذا كان هناك مقطع واحد يمكنه إيجاز ليبرالية الحرب الباردة، فإنه «الوسط الحيوي». ومع ذلك، هل تستطيع حججه المساعدة في توجيه هذا الجيل من الأميركيين خلال قفزهم السياسي؟
في عالم هُزمت فيه الفاشية، لم يتوقف «شليزنجر» للتلذذ بانتصار أميركا في الحرب العالمية الثانية. لقد تطلع إلى الخطر القادم من نوع شمولي مختلف، الشيوعية السوفييتية، ومدافعيها المحليين.
وعرّف الوسط السياسي ليس كطريق وسيط حذر بين «اليمين» المتطرف و«اليسار» المتطرف، بل «كإيمان شديد» بالديمقراطية يمكن أن يبرر قوة أميركا العالمية ما بعد الحرب وفي نفس الوقت يحفز الأميركيين على ممارستها. ويقصد بكلمة «حيوي» التي ذكرها: ضروري ومفعم بالحيوية.
فقد تصور «شليزنجر» وسطاً قوياً بما يكفي ليشمل الديمقراطيين (أي الذين يؤمنون بالديمقراطية) من اليمين واليسار على حد السواء. لقد كانت ديمقراطية «الوسط الحيوي» أساسا، عملية وليست نتيجة – عملية من شأنها، عند ممارستها بصرامة، أن «تعزز نفسها». كدعوة أيديولوجية للتسلح، ربما لم يكن «الوسط الحيوي» ناجحاً مثل الذي سبقه بما يقرب من قرن: «البيان الشيوعي» لكارل ماركس وفريدريك إنجلز. وبالتأكيد كان «شليزنجر» هو من ضحك في النهاية، رغم ذلك، في عام 1989 عندما سقط جدار برلين وبدأت الإمبراطورية السوفييتية في الانهيار.
ومع استنزاف السياسة الأميركية الآن بالاستقطاب، لم تسر الأمور مثلما كان يأمل «شليزنجر»، الذي حذر في مقدمة نسخته لعام 1998 من «الوسط الحيوي». وكتب أن «عصراً جديداً من القلق» قد نشأ من التكنولوجيا الرقمية والعولمة، وأن الاختلالات التي أحدثتها كانت وشيكة. وأضاف أن «الحركات الشمولية في ثلاثينات القرن الماضي» ربما تعود في «صورة مختلفة»، ما لم تتمكن الديمقراطية من «توسيع الفرص أمام الرجال والنساء للعيش بصورة مرضية».
وما فشل «الوسط الحيوي» في توقعه هو الدور الذي يمكن أن تلعبه سياسة الهوية في زعزعة استقرار السياسة الديمقراطية ما بعد الحرب وما بعد الحرب الباردة، في كل من الولايات المتحدة وأوروبا. ومثل العديد من المفكرين في جيله، كان «شليزنجر» ينظر إلى الطبقة باعتبارها قضية هيكلية – العرق والجنس وأقل من ذلك.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
وتشير القابلية الغريبة لتطبيق هذه الخطوط على عام 2019 إلى أن الوقت الحالي هو الوقت المناسب لإعادة النظر في البيان الذي أصدره «شليزنجر» عام 1949 وقت ظهورها لأول مرة، والذي يتمحور حول «الوسط الحيوي» الذي يدافع عن الليبرالية في وجه أعدائها.
وإذا كان هناك مقطع واحد يمكنه إيجاز ليبرالية الحرب الباردة، فإنه «الوسط الحيوي». ومع ذلك، هل تستطيع حججه المساعدة في توجيه هذا الجيل من الأميركيين خلال قفزهم السياسي؟
في عالم هُزمت فيه الفاشية، لم يتوقف «شليزنجر» للتلذذ بانتصار أميركا في الحرب العالمية الثانية. لقد تطلع إلى الخطر القادم من نوع شمولي مختلف، الشيوعية السوفييتية، ومدافعيها المحليين.
وعرّف الوسط السياسي ليس كطريق وسيط حذر بين «اليمين» المتطرف و«اليسار» المتطرف، بل «كإيمان شديد» بالديمقراطية يمكن أن يبرر قوة أميركا العالمية ما بعد الحرب وفي نفس الوقت يحفز الأميركيين على ممارستها. ويقصد بكلمة «حيوي» التي ذكرها: ضروري ومفعم بالحيوية.
فقد تصور «شليزنجر» وسطاً قوياً بما يكفي ليشمل الديمقراطيين (أي الذين يؤمنون بالديمقراطية) من اليمين واليسار على حد السواء. لقد كانت ديمقراطية «الوسط الحيوي» أساسا، عملية وليست نتيجة – عملية من شأنها، عند ممارستها بصرامة، أن «تعزز نفسها». كدعوة أيديولوجية للتسلح، ربما لم يكن «الوسط الحيوي» ناجحاً مثل الذي سبقه بما يقرب من قرن: «البيان الشيوعي» لكارل ماركس وفريدريك إنجلز. وبالتأكيد كان «شليزنجر» هو من ضحك في النهاية، رغم ذلك، في عام 1989 عندما سقط جدار برلين وبدأت الإمبراطورية السوفييتية في الانهيار.
ومع استنزاف السياسة الأميركية الآن بالاستقطاب، لم تسر الأمور مثلما كان يأمل «شليزنجر»، الذي حذر في مقدمة نسخته لعام 1998 من «الوسط الحيوي». وكتب أن «عصراً جديداً من القلق» قد نشأ من التكنولوجيا الرقمية والعولمة، وأن الاختلالات التي أحدثتها كانت وشيكة. وأضاف أن «الحركات الشمولية في ثلاثينات القرن الماضي» ربما تعود في «صورة مختلفة»، ما لم تتمكن الديمقراطية من «توسيع الفرص أمام الرجال والنساء للعيش بصورة مرضية».
وما فشل «الوسط الحيوي» في توقعه هو الدور الذي يمكن أن تلعبه سياسة الهوية في زعزعة استقرار السياسة الديمقراطية ما بعد الحرب وما بعد الحرب الباردة، في كل من الولايات المتحدة وأوروبا. ومثل العديد من المفكرين في جيله، كان «شليزنجر» ينظر إلى الطبقة باعتبارها قضية هيكلية – العرق والجنس وأقل من ذلك.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»